عدل الله لقد سمّى الله عز وجل نفسه بالعدل؛ وأمر بتطبيقه في الأرض واتّباعه كمنهج لا يحيد عنه المسلم في أي زمانٍ ومكان، ومهما أوتي من قوةٍ أو مكانة فلا يجوز له أن يتجبر في بقية الخلق أو أن يُصيبهم بظلم، ولقد جعل الله العدل ميزاناً للأعمال في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه وتعالى:(فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة:7] ، وتتنوّع مظاهر عدل الله على النحو الذي سنذكره في مقالنا هذا.
مظاهر عدل الله - وحدانيته؛ فالله لم يجعل له شريكاً في مُلكه، وبالتالي تتحقق سوية الجزاء والثواب للبشر بحكم إله واحد.
- خلقه للبشر على طبيعة جسديّة واحدة؛ فخلق كل البشر على اختلاف أماكن ولادتهم بذات الأعضاء والحواس والقدرة الجسدية.
- تقسيمه الأرزاق بين العباد وفق ما يصلح لهم وينفع حالهم، قال تعالى:(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) [الذاريات:22].
- مغفرته للذنب مهما عَظُم، ومجازاته لعبده بأكثر من توبته، إلى جانب استجابته للعبد المؤمن عند الدعاء.
- حفظه للحقوق؛ فمن مظاهر عدل الله أنه يُرجع الحقوق لأصحابها يوم القيامة، وإن ضاع بعضها بين عباده في الدنيا، يقول الحق سبحانه وتعالى: (ونَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47].
- أمره بالعدل بين المتخاصمين من الناس والأزواج، والعدل في المعاملة وإعطاء الحقوق المتساوية بين الأولاد إلا ما أورد به نصاً شرعياً كحالة الميراث.
- إنقاذ الناس من الجهل والتخلف، فكم من أنثى قُتلت بسبب الاعتقادات التي كانت سائدة أيام الجاهلية، وأنزل الله الإسلام والشرائع السماوية لحفظ الأرواح، والنهوض بالإنسان وتفكيره.
- عدم العقاب إلا بذنب، فلا يُعذب الله أحداً دون إرتكابه ذنباً سواء بحق الله ودينه، أو بحق نفسه، أو أنه طال بذنبه حقوق الآخرين.
- فصل الموازين عن بعضها؛ فلكل إنسان ميزان أعمال خاص به؛ ولا يُنقص الله من حسنات أحد ليعطيها لغيره، ولا يُحمّل أحداً وزر غيره، قال تعالى:(مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) [فصلت:46].
- تسهيل أمور الحياة على العباد، فقد جعل الله لكل شيء سبباً معقولاً، وجعل العقل البشري يحتمل عظمة إبداعه؛ فلم يُبدع الكون ويترك العقل البشري قاصراً دون القدرة على التفكر.
- تسخير الطبيعة للإنسان، حيث استفاد الإنسان من خيرات الأرض كالزرع والشجر في غذائه ووقوده، واستمر انتفاعه بما خلق الله إلى حين قدرته على صنع مركبة فضائية تجوب أقمار الكون ومجراته، وإلى جانب ذلك فلقد منحنا الله طبيعة خلابة تريح الأبدان والنظر، وتجعل الإنسان رحالةً يطوف أرجاء الأرض بحثاً عن المزيد من الجمال.